فصل: تفسير الآية رقم (5)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***


تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏مَنَامُكُم بالَّيْلِ‏}‏ ‏{‏وَابْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ‏}‏ بالنهار، أو منامكم وابتغاؤكم فيهما جميعاً لأن منهم من يتصرف في المعاش ليلاً وينام نهاراً وابتغاء الفضل بالتجارة، أو بالتصرف في العمل‏.‏ فالنوم كالموت والتصرف نهاراً كالبعث ‏{‏يَسْمَعُونَ‏}‏ الحق فيتعبونه، أو الوعظ فيخافونه، أو القرآن فيصدقونه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏خَوْفاً‏}‏ للمسافر ‏{‏وَطَمَعاً‏}‏ للمقيم، أو خوفاً من الصواعق وطمعاً في الغيث، أو خوفاً من البرد أن يهلك الزرع وطمعاً في الغيث أن يحييه، أو خوفاً أن يكون خُلباً لا يمطر وطمعاً أن يمطر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏26‏]‏

‏{‏وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ‏(‏26‏)‏‏}‏

‏{‏قَانِتُونَ‏}‏ مطيعون‏.‏ مأثور، أو مصلون «ع»، أو مقرون بالعبودية، أو قائمون له يوم القيامة، أو قائمون بالشهادة أنهم عباده «ع» أو مخلصون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ‏(‏27‏)‏‏}‏

‏{‏يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ‏}‏ بعلوقه في الرحم ثم يعيده بالبعث استدلالاً بالنشأة على الإعادة‏.‏ ‏{‏أَهْوَنُ عَلَيْهِ‏}‏ أعادة الخلق أهون على الله تعالى من ابتدائه لأن الإعادة أهون من البُدأة عُرفاً وإن كانا هينين على الله تعالى، أو الإعادة أهون على المخلوق لأنه يقلب نطفة ثم علقه ثم مضغة ثم عظماً ثم رضيعاً ثم فطيماً وفي الإعادة يُصاح به فيعود سوياً «ع» أو أهون بمعنى هين‏.‏ قال‏:‏

إن الذي سمك السماء بنى لنا *** بيتاً دعائمه أعز وأطول

وأهون أيسر وأسهل ‏{‏الْمَثَلُ الأَعْلَى‏}‏ الصفة العليا ليس كمثله شيء «ع» أو شهادة أن لا إله إلا الله، أو يحيي ويميت ‏{‏الْعَزِيزُ‏}‏ المنيع في قدرته أو القوي في انتقامه ‏{‏الْحَكِيمُ‏}‏ في تدبيره، أو في إعذاره وحجته إلى عباده‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً‏}‏ سبب ضربه إشراكهم في عبادته، أو قولهم في التلبية إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، أو كانوا يورثون آلهتهم أي لما لم يشرككم عبيدكم في أموالكم لملككم إياهم فالله تعالى أولى أن لا يشاركه أحد في العبادة لأنه مالك كل شيء ‏{‏تَخَافُونَهُمْ‏}‏ أن يشاركوكم في أموالكم كما تخافون ذلك من شركائكم، أو تخافون أن يرثوكم كما تخافون ورثتكم، أو تخافون لأئمتهم كما يخاف بعضكم بعضاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏وَجْهَكَ‏}‏ قصدك، أو دينك، أو عملك‏.‏ ‏{‏حَنِيفاً‏}‏ مسلماً، أو مخلصاً، أو متبعاً، أو مستقيماً، أو حاجاً «ع»، أو مؤمناً بجميع الرسل‏.‏ ‏{‏فِطْرَتَ اللَّهِ‏}‏ صنعة الله، أو دينه الإسلام «ع» الذي خلق الناس عليه ‏{‏لِخَلْقِ اللَّهِ‏}‏ لدين الله، أو لا يُتَغير بخلقه من البهائم أن يخصى فحولها «ع» أو لا خالق غير الله يخلق كخلقه ‏{‏الدِّينُ الْقَيِّمُ‏}‏ الحساب البين، أو القضاء المستقيم «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏مُنِيبِينَ‏}‏ مقبلين، أو داعين، أو مطيعين، أو تائبين من الذنوب والإنابة من القطع فهي الانقطاع إلى الله تعالى بالطاعة ومنه الناب لقطعه، أو من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد مرة ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏فَرَّقُواْ دِينَهُمْ‏}‏ بالاختلاف فصاروا فرقاً و‏{‏فارقوا دينهم‏}‏ وهم اليهود، أو اليهود والنصارى، أو خوارج هذه الأمة مأثور، أو أهل الأهواء والبدع مأثور‏.‏ ‏{‏شِيَعاً‏}‏ فرقاً، أو أدياناً ‏{‏بِمَا لَدَيْهِمْ‏}‏ من الضلالة ‏{‏فَرِحُونَ‏}‏ مسرورون عند الجمهور، أو معجبون أو متمسكون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏سُلْطَاناً‏}‏ كتاباً، أو عذراً، أو برهاناً، أو رسولاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏36‏]‏

‏{‏وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ‏(‏36‏)‏‏}‏

‏{‏رَحْمَةً‏}‏ عافية وسعة، أو نعمة ومطر ‏{‏سَيِّئَةٌ‏}‏ بلاء وعقوبة، أو قحط المطر‏.‏ ‏{‏يَقْنَطُونَ‏}‏ القنوط اليأس من الرحمة والفرج عند الجمهور أو ترك فرائض الله تعالى في السر «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏38‏]‏

‏{‏فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ‏(‏38‏)‏‏}‏

‏{‏ذَا الْقُرْبَى‏}‏ قرابة الرجل يصلهم بماله ونفسه، أو قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم بنو هاشم وبنو المطلب يعطون حقهم من الفيء والغنيمة‏.‏ ‏{‏وَابْنَ السَّبِيلِ‏}‏ المسافر، أو الضيف «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏مِّن رِّباً‏}‏ هو أن يهدي الهدية ليكافأ بأفضل منها «ع»، أو رجل خدم في السفر فجعل له جزء من الربح لخدمته لا لوجه الله تعالى، أو رجل وهب قريبه ليصير غنياً ذا مال ولا يفعله طلباً للثواب‏.‏ ‏{‏فَلا يَرْبُواْ‏}‏ لا يكون له ثواب عند الله ‏{‏زكَاةٍ‏}‏ مفروضة، أو صدقة‏.‏ ‏{‏وَجْهَ اللَّهِ‏}‏ ثوابه‏.‏ ‏{‏الْمُضْعِفُونَ‏}‏ الحسنة بعشر، أو يضاعف أموالهم في الدنيا بالنمو والبركة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏41‏]‏

‏{‏ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ‏(‏41‏)‏‏}‏

‏{‏الْفَسَادُ‏}‏ الشرك، أو المعاصي، أو قحط المطر، أو فساد البر قتل ابن آدم أخاه وفساد البحر أخذ السفينة غصباً ‏{‏الْبَرِّ‏}‏ الفيافي ‏{‏وَالْبَحْرِ‏}‏ القرى‏.‏ العرب تسمى الأمصار البحر، أو البر أهل العمود والبحر أهل القرى والريف، أو البر بادية الأعراب والبحر الجزائر، أو البر ما كان من المدن والقرى على غير نهر والبحر ما كان منها على شاطىء نهر «ع» ‏{‏بَعْضَ الِّذِى عَمِلُواْ‏}‏ لأن للمعصية جزاء عاجلاً وجزاء آجلاً‏.‏ ‏{‏يَرْجِعُونَ‏}‏ عن المعاصي، أو إلى الحق، أو يرجع من بعدهم «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَقِمْ وَجْهَكَ‏}‏ للتوحيد، أو استقم للدين المستقيم بصاحبه إلى الجنة‏.‏ ‏{‏يَصَّدَّعُونَ‏}‏ يتفرقون في عرصة القيامة، إلى النار والجنة، أو يتفرق المشركون وآلهتهم في النار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏يَمْهَدُونَ‏}‏ يُسَوُّون المضاجع في القبور، أو يوطئون في الدنيا بالقرآن وفي الآخرة بالعمل الصالح‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ‏(‏46‏)‏‏}‏

‏{‏مُبَشِّرَاتٍ‏}‏ بالمطر رياح الرحمة أربعة المبشرات والذاريات والناشرات والمرسلات، ورياح العذاب أربعة العقيم والصرصر في البر والعاصف والقاصف في البحر‏.‏ ‏{‏مِّن رَّحْمَتِهِ‏}‏ بردها وطيبها، أو المطر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏47‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ‏(‏47‏)‏‏}‏

‏{‏نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ الأنبياء بإجابة دعائهم على مكذبيهم، أو نصرهم بإيجاب الذَّب عن أعراضهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏48‏]‏

‏{‏اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ‏(‏48‏)‏‏}‏

‏{‏كِسَفاً‏}‏ قطعاً، أو متراكباً بعضه على بعض، أو في سماء دون سماء‏.‏ ‏{‏الْوَدْقَ‏}‏ البرق، أو المطر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏رَحْمَتِ اللَّهِ‏}‏ المطر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏فَرَأَؤهُ‏}‏ رأوا السحاب ‏{‏مُصْفَرّاً‏}‏ بأنه لا يمطر، أو الزرع مصفراً بعد خضرته «ع»‏.‏ ‏{‏لَّضَلُّواْ‏}‏ أظل إذا فعل أول النهار ووقت الظل وكذلك أضحى فتوسعوا في استعمال ظَلَّ في أول النهار وآخره وقل ما يستعمل أضحى إلا في صدر النهار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏الْمَوْتَى‏}‏ الذين ماتوا كفاراً و‏{‏الصُّمَّ‏}‏ الذين تولوا عن الهدى فلم يسمعوه، أو مَثَّل الكافر في أنه لا يسمع بالميت والأصم لأن كفره قد أماته وضلاله قد أصمه ‏{‏مُدْبرِينَ‏}‏ لأن المدبر لا يفهم بالإشارة وإن كان الأصم لا يسمع مقبلاً ولا مدبراً قيل نزلت في بني عبد الدار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

‏{‏اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ‏(‏54‏)‏‏}‏

‏{‏ضَعْفٍ‏}‏ نطفة‏.‏ ‏{‏قُوَّةً‏}‏ شباباً‏.‏ ‏{‏ضَعْفٍ‏}‏ هرماً ‏{‏وَشَيْبَةً‏}‏ شمطاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏الْمُجْرِمُونَ‏}‏ الكفار‏.‏ ‏{‏مَا لَبِثُواْ‏}‏ في الدنيا، أو في القبور ‏{‏كَذَلِكَ‏}‏ هكذا‏.‏ ‏{‏يُؤْفَكُونَ‏}‏ يكذبون في الدنيا، أو يصرفون عن الإيمان بالبعث‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏57‏]‏

‏{‏فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ‏(‏57‏)‏‏}‏

‏{‏مَعْذِرَتُهُمْ‏}‏ في تكذيبهم‏.‏ ‏{‏يُسْتَعْتَبُونَ‏}‏ يستتابون، أو يعاتبون على سيئاتهم أو لا يطلب منهم العتبى وهو أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏60‏]‏

‏{‏فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ‏(‏60‏)‏‏}‏

‏{‏وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ‏}‏ لا يستعجلنك، أو لا يستفزنك، أو لا يستنزلنك‏.‏ ‏{‏لا يُوقِنُونَ‏}‏ لا يؤمنون، أو لا يصدقون بالبعث والجزاء‏.‏

‏[‏سورة لقمان‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏الْحَكِيمِ‏}‏ المحكم آياته بالحلال والحرام والأحكام، أو المتقن ‏{‏لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 42‏]‏ أو البين أنه من عند الله، أو المظهر للحكمة بنفسه كما يظهرها الحكيم بقوله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏هُدىً‏}‏ من الضلالة، أو إلى الجنة‏.‏ ‏{‏وَرَحْمَةً‏}‏ من العذاب لما فيه من الزواجر عن استحقاقه، أو بالثواب لما فيه من البواعث على استيجابه، نعته بذلك أو مدحه به ‏{‏لِّلْمُحْسِنِينَ‏}‏ الإحسان الإيمان الذي يحسن به إلى نفسه، أو الصلة والصلاة، أو أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وتحب للناس ما تحب لنفسك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏هُدىً مِّن رَّبِّهِمْ‏}‏ نور، أو بينة، أو بيان‏.‏ ‏{‏الْمُفْلِحُونَ‏}‏ السعداء، أو المنجحون، أو الناجون، أو الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏يَشْتَرى لَهْوَ الْحَدِيثِ‏}‏ شراء المغنيات، أو الغناء «ع»، أو الزمر والطبل، أو الباطل، أو الشرك، أو ما ألهى عن الله تعالى، أو الجدال في الدين والخوض في الباطل نزلت في النضر بن الحارث كان يجلس فإذا قيل له‏:‏ قال محمد كذا ضحك وحدثهم بحديث رستم واسفنديار وقال‏:‏ إن حديثي أحسن حديثاً من محمد‏.‏ أو في قرشي اشترى مغنية شغل بها الناس عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏{‏لِيُضِلَّ‏}‏ ليصد عن دين الله تعالى، أو ليمنع من قراءة القرآن‏.‏

‏{‏وَيَتَّخِذَهَا‏}‏ يتخذ سبيل الله ‏{‏هُزُؤاً‏}‏ يكذب بها، أو يستهزىء بها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏بِغَيْرِ عَمَدٍ‏}‏ وأنتم ترونها، أو بعمد لا ترونها‏.‏ ‏{‏أَن تَمِيدَ‏}‏ تزول، أو تتحرك‏.‏ ‏{‏وَبَثَّ‏}‏ بسط، أو فرق ‏{‏دَآبَّةٍ‏}‏ سمي به الحيوان لدبيبه والدبيب الحركة‏.‏ ‏{‏فَأَنبَتْنَا‏}‏ الناس نبات الأرض فالكريم من دخل الجنة واللئيم من دخل النار، أو الأشجار والزروع ‏{‏زَوْجٍ‏}‏ نوع ‏{‏كَرِيمٍ‏}‏ حسن أو الثمر الطيب، أو النافع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏لُقْمَانَ‏}‏ نبي قاله عكرمة، أو من سودان مصر ذو مشافر أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة، أو كان عبداً حبشياً، أو نوبياً قصيراً أفطس خياطاً بمصر، أو راعياً، أو نجاراً وكان فيما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، أو ولد لعشر سنين من ملك داود وبقي إلى زمان يونس ‏{‏الْحِكْمَةَ‏}‏ الفهم والعقل، أو الفقه والعقل والإصابة في القول، أو الأمانة‏.‏ ‏{‏أَنِ اشْكُرْ‏}‏ أتيناه الحكمة والشكر، أو آتيناه الحكمة لأن يشكر قاله الزجاج ‏{‏اشْكُرْ لِلَّهِ‏}‏ أحمده على نعمه، أو أطعه ولا تشرك به، أو لا تعصه على نعمه‏.‏ ‏{‏يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ‏}‏ لأنه تزداد نعمه كلما ازداد شكراً‏.‏ ‏{‏وَمَن كَفَرَ‏}‏ بالنعمة، أو بالله واليوم الآخر‏.‏ ‏{‏غَنِىٌّ‏}‏ عن خلقه ‏{‏حَمِيدٌ‏}‏ في فعله، أو غني عن فعله مستحمد إلى خلقه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏يَعِظُهُ‏}‏ يذكره ويؤدبه‏.‏ ‏{‏لَظُلْمٌ‏}‏ يظلم به نفسه ‏{‏عَظِيمٌ‏}‏ عند الله قيل‏:‏ كان ابنه مشركاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ‏}‏ عامة، أو نزلت في سعد بن أبي وقاص‏.‏ ‏{‏وَهْناً عَلَى وَهْنٍ‏}‏ شدة على شدة «ع»، أو جهداً على جهد، أو ضعفاً على ضعف، ضعف الولد على ضعف الوالدة، أو ضعف نطفة الأب على ضعف نطفة الأم، أو ضعف الولد أطوار خلقه، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم سوياً ثم وليداً ثم رضيعاً ثم فطيماً‏.‏ ‏{‏اشْكُرْ لِى‏}‏ النعمة بالحمد والطاعة ‏{‏وَلِوَالِدَيْكَ‏}‏ التربية بالبر والصلة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏مَعْرُوفاً‏}‏ إحساناً تعودهما إذا مرضا وتشيعهما إذا ماتا وتواسيهما إذا افتقرا‏.‏ ‏{‏مَنْ أَنَابَ‏}‏ أقبل بقلبه ‏{‏إِلَىَّ‏}‏ مخلصاً وهو الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ‏}‏ من الخير، أو الشر‏.‏ ‏{‏صَخْرَةٍ‏}‏ خضراء تحت الأرض السابعة على ظهر الحوت، خضرة السماء منها وقيل‏:‏ إنها في سجين التي يكتب فيها أعمال الكفار، أو في صخرة في جبل‏.‏ ‏{‏يَأَتِ بِهَا اللَّهُ‏}‏ أي بجزاء ما وازنها من خير، أو شر، أو يعلمها ويأتي بها إذا شاء كذلك قليل العمل من الخير والشر ويعلمه الله تعالى فيجازي عليه‏.‏ ‏{‏لَطِيفٌ‏}‏ في إخراجها‏.‏ ‏{‏خَبِيرٌ‏}‏ بمكانها قيل لما وعظ ابنه ألقى حبة خردل في عرض البحر ثم مكث ما شاء الله ثم ذكرها وبسط يده فبعث الله تعالى ذبابة فأخذتها فوضعتها في يده‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ‏}‏ مما أمر الله تعالى به من الأمور، أو من ضبط الأمور، أو من قطع الأموُر‏.‏ العزم والحزم واحد، أو الحزم الحذر والعزم القوة وفي المثل لا خير في عزم بغير حزم، أو الحزم التأهب للأمر والعزم النفاذ فيه وفي المثل رَوِّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏تُصَعِّرْ‏}‏ الصعر الكبر «ع»، أو الميل، أو التشدق في الكلام، يقول لا تعرض بوجهك عن الناس تكبراً، أو بالتشدق، أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو يلوي شدقه عن ذكر الإنسان احتقاراً، أو الإعراض عمن بينه وبينه إحنة هجراً له فكأنه أمر بالصفح والعفو، أو أن يكون الغني والفقير عنده في العلم سواء‏.‏ ‏{‏مَرَحاً‏}‏ بالمعصية، أو بالخيلاء والعظمة، أو البطر والأشر‏.‏ ‏{‏مُخْتَالٍ‏}‏ منان، أو متكبر، أو بطر‏.‏ ‏{‏فَخُورٍ‏}‏ متطاول على الناس بنفسه، أو مفتخر عليهم بما يصفه من مناقبه «ع»، أو الذي يعدد ما أعطى ولا يشكر الله تعالى فيما أعطاه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ‏}‏ تواضع فيه، أو انظر في مشيك إلى موضع قدمك، أو أسرع فيه أو لا تسرع فيه، أو لا تختل فيه‏.‏ ‏{‏وَأَغْضُضْ‏}‏ اخفض‏.‏ ‏{‏أَنكَرَ الأَصْوَاتِ‏}‏ أقبحها، أو شرها، أو أشدها، أو أبعدها‏.‏ خص الحمار لأن صوته مستقبح في النفوس مستنكر في السمع، أو لأن صياح كل شيء تسبيحه إلاَّ الحمار فإنه يصيح لرؤية الشيطان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏20‏]‏

‏{‏أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ‏(‏20‏)‏‏}‏

‏{‏سَخَّرَ‏}‏ سهل، أو الانتفاع به‏.‏ ‏{‏نعمهُ‏}‏ جنس أو أراد الإسلام‏.‏ ‏{‏ظَاهِرَةً‏}‏ على اللسان ‏{‏وَبَاطِنَةً‏}‏ في القلب، أو الظاهرة الإسلام والباطنة ما ستره من المعاصي، أو الظاهرة الخلق والرزق والباطنة ما أخفاه من العيوب والذنوب، أو ما أعطاهم من الزي والثياب والباطنة متاع المنازل، أو الظاهرة الولد والباطنة الجماع ‏{‏مَن يُجَادِلُ‏}‏ نزلت في يهودي قال للرسول صلى الله عليه وسلم، أخبرني عن ربك من أي شيء هو، فجاءت صاعقة فأحرقته، أو في النظر بن الحارث كان يقول الملائكة بنات الله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏يُسْلِمْ وَجْهَهُ‏}‏ يخلص دينه، أو يقصد بوجهه طاعة الله تعالى ‏{‏وَهُوَ مُحْسِنٌ‏}‏ في عمله ‏{‏بِالْعُرْوَةِ‏}‏ قول لا إله إلا الله، أو القرآن، أو الإسلام، أو الحب في الله تعالى والبغض فيه ‏{‏الْوثْقَى‏}‏ للاستيثاق بالتمسك بها كما يتوثق من الشيء بإمساك عراه أو تشبيهاً بالبناء الوثيق لأنه لا ينحل ‏{‏عَاقِبَةُ الأُمُورِ‏}‏ ثواب ما صنعوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ‏(‏27‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَوْ أَنَّمَا فِى الأَرْضِ‏}‏ نزلت لما قال المشركون إنما القرآن كلام يوشك أن ينفد، أو نزلت لما قال اليهود للرسول صلى الله عليه وسلم أرأيت قولك ‏{‏وَمَآ أُوتِيتُم مِّن العلم إِلاَّ قَلِيلاً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 85‏]‏ إيانا تريد أم قومك فقال‏:‏ كل لم يؤت من العلم إلا قليلاً أنتم وهم‏.‏ قالوا‏:‏ فإنك تتلو ما جاءك من الله أَنَّا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء‏.‏ فقال‏:‏ إنها في علم الله تعالى قليلة‏.‏ والمعنى لو أن الأشجار أقلام والبحار مداد لتكسرت الأقلام، ونفدت مياه البحار قبل أن تنفد عجائب ربي وعلمه وحكمته‏.‏ ‏{‏يَمُدُّهُ‏}‏ يزيد فيه شيئاً بعد شيء يقال في الزيادة مدَدته وفي المعونة أمددته ‏{‏كَلِمَاتُ اللَّهِ‏}‏ نعمه على أهل الجنة، أو على أصناف الخلق، أو جميع ما قضاه في اللوح المحفوظ من أمور خلقه، أو عبّر بالكلمات عن العلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏مَّا خَلْقُكُمْ‏}‏ نزلت في أُبَي بن خلف وأبي الأشدين ونبيه ومنبه ابني الحجاج‏.‏ قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى خلقنا أطواراً نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم تقول إنا نبعث جميعاً في ساعة فنزلت ‏{‏مَّا خَلْقُكُمْ‏}‏ أي لا يصعب على الله تعالى ما يصعب على الناس‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏يُولِجُ الَّيْلَ‏}‏ يأخذ الصيف من الشتاء والشتاء من الصيف‏.‏ أو ما ينقص من النهار يجعله في الليل وما ينقص من الليل يجعله في النهار، أو يسلك الظلمة مسلك الضياء والضياء مسلك الظلمة فيصير كل واحد منهما مكان الآخر ‏{‏وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ‏}‏ ذللهما بالطلوع والأفول تقديراً للآجال وإتماماً للمنافع‏.‏ ‏{‏أَجَلٍ مُّسَمّىً‏}‏ القيامة، أو وقت طلوعه وأفوله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏هُوَ الْحَقُّ‏}‏ لا إله غيره، أو الحق اسم من أسمائه، أو القاضي بالحق‏.‏ ‏{‏مَا يَدْعُونَ‏}‏ الشيطان، أو الأصنام‏.‏ ‏{‏الْعَلِىُّ‏}‏ في أحكامه ‏{‏الْكَبِيرُ‏}‏ في سلطانه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏مِّنْ ءَايَاتِهِ‏}‏ يجري السفن فيه، أو ما تشاهدون من قدرة الله فيه، أو ما يرزقكم الله تعالى منه‏.‏ ‏{‏صَبَّارٍ‏}‏ على البلوى ‏{‏شَكُورٍ‏}‏ على النعماء، أو صبار على الطاعة شكور على الجزاء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏كَالظُّلَلِ‏}‏ السحاب، أو الجبال شبهه بها لسواده، أو لعظمه ‏{‏مُخْلِصِينَ‏}‏ موحدين لا يدعون سواه ‏{‏مُّقْتَصِدٌ‏}‏ عدل يوفي بعهده الذي التزمه في البحر، أو مؤمن متمسك بالطاعة، أو مقتصد في قوله وهو كافر‏.‏ ‏{‏خَتَّارٍ‏}‏ جاحد، أو غدار عند الجمهور‏.‏ جحد الآيات‏:‏ إنكار أعيانها والجحد بها إنكار دلائلها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏لا يَجْزِى‏}‏ لا يغني، أو لا يقضي، أو لا يحمل ‏{‏الْغَرُورُ‏}‏ الشيطان، أو الأمل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏34‏]‏

‏{‏إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ‏(‏34‏)‏‏}‏

‏{‏عِلْمُ السَّاعَةِ‏}‏ وقت مجيئها‏.‏ ‏{‏وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ‏}‏ يعلم نزوله في زمانه ومكانه، أو منزله فيما يشاء من زمان ومكان ‏{‏مَا فِى الأَرْحَامِ‏}‏ من ذكر وأنثى وصحيح وسقيم، أو مؤمن وكافر وشقي وسعيد ‏{‏تَكْسِبُ غَداً‏}‏ من خير وشر، أو إيمان وكفر‏.‏ ‏{‏بِأَىِّ أَرْضٍ‏}‏ على أي حكم تموت من سعادة وشقاوة، أو في أي أرض تموت وتدفن‏.‏

قيل نزلت في الوارث بن عمرو بدوي قال‏:‏ للرسول صلى الله عليه وسلم إن امرأتي حُبلى فأخبرني ماذا تلد وبلادنا جدبة فأخبرني متى ينزل الغيث وقد علمت متى ولدت «فأخبرني متى أموت وقد علمت ما عملت اليوم فأخبرني، ما أعمل غداً» وأخبرني متى تقوم الساعة‏.‏

‏[‏سورة السجدة‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏لا رَيْبَ‏}‏ الرَّيْب الشك الذي يميل إلى السوء والخوف‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏يُدَبِّرُ الأَمْرَ‏}‏ يقضيه، أو يدبره بنزول الوحي من السماء الدنيا إلى الأرض العليا ويدبر أمر الدنيا أربعة‏:‏ جبريل موكل بالرياح والجنود وميكائيل بالقطر والماء وملك الموت بقبض الأرواح وإسرافيل ينزل عليهم بالأمر ‏{‏يَعْرُجُ‏}‏ يصعد جبريل إلى السماء بعد نزوله بالوحي، أو الملك الذي يدبر من السماء إلى الأرض، أو أخبار أهل الأرض تصعد إليه مع الملائكة‏.‏ ‏{‏مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ‏}‏ يقضي أمر كل شيء لألف سنة في يوم واحد ثم يلقيه إلى الملائكة فإذا مضت قضى لألف لأخرى ثم كذلك أبداً أو يصعد الملك في يوم مسيرة ألف سنة «ع» فيكون بين السماء والأرض ألف سنة، أو يننزل الملك ويصعد في يوم مقداره ألف سنة ينزل في خمسمائة ويصعد في مثلها فيكون بين السماء والأرض خمسمائة‏.‏ ‏{‏تَعُدُّونَ‏}‏ تحسبون من أيام الدنيا وعَبَّر عن الزمان باليوم ولا يريد ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏أَحْسَنَ كُلِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ‏}‏ في خَلْقِه حسن حتى الكلب حسن في خَلْقه «ع»، أو أحكمه حتى أتقنه، أو أحسن إلى كل شيء خلقه فكان خلقه إحساناً إليه، أو ألهم الخلق ما يحتاجون إليه فعلموه من قولهم فلان يحسن كذا أن يعلمه، أو أعطى خلقه ما يحتاجون إليه ثم هداهم إليه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏سُلالَةٍ‏}‏ سمى ماء الرجل سلالة لانسلاله من صلبه والسلالة الصفوة التي تنسل من غيرها‏.‏ ‏{‏مَّهِينٍ‏}‏ ضعيف‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏سَوَّاهُ‏}‏ سوى خلقه في الرحم، أو سوى خلقه كيف شاء ‏{‏مِن رُّوحِهِ‏}‏ قدرته، أو ذريته، إذ المراد بالإنسان آدم، أو من أمره أن يقول كن فيكون، أو روحاً من روحه أي خَلْقِه أضافه إلى نفسه لأنه من فعله وعبر عنه بالنفخ لأن الروح من جنس الريح‏.‏ ‏{‏والأَفْئِدَةَ‏}‏ سمي القلب فؤاداً لأنه منبع الحرارة الغريزية من المفتأد وهو موضع النار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏ضَلَلْنَا‏}‏ هلكنا، أو صرنا رفاتاً وتراباً، وكل شيء غلب على غيره مخفى فيه أثره فقد ضل، أو غُيِّبْنا، وبالصاد أنْتَنَّا من صَلَّ اللحم، أو صرنا بالصَلَّةِ وهي الأرض اليابسة ومنه الصلصال قيل‏:‏ قاله أُبي بن خلف‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏11‏]‏

‏{‏قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ‏(‏11‏)‏‏}‏

‏{‏يَتَوَفَّاكُمْ‏}‏ بأعوانه، أو بنفسه رأه الرسول صلى الله عليه وسلم عند رأس أنصاري‏.‏ فقال أرفق بصاحبي فإنه مؤمن‏.‏ فقال طِبْ نفساً وقر عيناً فإني بكل مؤمن رفيق‏.‏ ‏{‏ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ‏}‏ إلى جزائه، أو إلى أن لا يملك لكم أحد ضراً ولا نفعاً سواه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ‏}‏ من الغم، أو الذل، أو الحياء، أو الندم، ‏{‏عِندَ رَبِّهِمْ‏}‏ عند محاسبته ‏{‏أَبْصَرْنَا‏}‏ صِدقَ وعيدك ‏{‏وَسَمِعْنَا‏}‏ صدق رسلك، أو أبصرنا معاصينا وسمعنا ما قيل فينا‏.‏ ‏{‏مُوقِنُونَ‏}‏ مصدقون بالبعث أو بما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏هُدَاهَا‏}‏ إلى الإيمان، أو الجنة، أو هدايتها في الرجوع إلى الدنيا لأنهم سألوا الرجعة‏.‏ ‏{‏حَقَّ الْقَوْلُ‏}‏ سبق، أو وجب ‏{‏مِنَ الْجِنَّةِ‏}‏ الملائكة قاله عكرمة‏.‏ سموا جنة لاجتنانهم عن الأبصار، أو عصاة الجن‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏فَذُوقُواْ‏}‏ عذابي بما تركتم أمري، أو بترك الإيمان بالبعث في هذا اليوم‏.‏ ‏{‏نَسِيَناكُمْ‏}‏ تركناكم من الخير، أو في العذاب، ويعبر بالذوق عما يطرأ على النفس لأحساسها به‏.‏ قال‏:‏

فذق هجرها إن كنت تزعم أنه *** رشاد ألا يا ربما كذب الزعم

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏بِآيَاتِنَا‏}‏ بحججنا، أو القرآن‏.‏ ‏{‏ذُكِّرُواْ بِهَا‏}‏ عدوا إلى الصلوات الخمس بالآذان والإقامة أجابوا إليها وإذا قرئت آيات القرآن خروا سجوداً على الأرض طاعة وتصديقاً وكل من سقط على شيء فقد خَرَّ عليه‏.‏ ‏{‏وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ‏}‏ صلّوا حمداً له، أو سبحوه بمعرفته وطاعته ‏{‏لا يَسْتَكْبِرُونَ‏}‏ عن العبادة، أو السجود كما استكبر أهل مكة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏تَتَجَافَى‏}‏ ترتفع لذكر الله في الصلاة، أو في غيرها «ع»، أو الصلاة‏:‏ العشاء، أو الصبح والعشاء في جماعة، أو للنفل بين المغرب والعشاء، أو قيام الليل‏.‏ والمضاجع مواضع الاضطجاع خوفاً من حسابه وطمعاً في رحمته، أو خوفاً من عقابه وطمعاً في ثوابه‏.‏ ‏{‏يُنفِقُونَ‏}‏ الزكاة، أو صدقة التطوع، أو نفقة الأهل، أو النفقة في الطاعة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏مَّآ أُخْفِىَ‏}‏ للذين تتجافى جنوبهم، أو للمجاهدين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر‏.‏ مأثور، أو هو جزاء قوم أخفوا عملهم فأخفى الله تعالى ما أعده لهم، أو زيادة تَحَفِّ من الله ليست في جناتهم يكرمون بها في مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات، أو زيادة نعيمهم وسجود الملائكة لهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً‏}‏ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه والفاسق عقبة بن أبي معيط تَسَابَّا فقال عقبة‏:‏ أنا أَحَدُّ منك سناناً وأبسط منك لساناً وأملأ منك حَشوًا‏.‏ فقال‏:‏ علي رضي الله تعالى عنه ليس كما قلت يا فاسق‏.‏ فنزلت فيهما «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏الْعَذَابِ الأَدْنَى‏}‏ مصائب الدنيا في النفس والمال، أو القتل بالسيف، أو الحدود «ع»، أو القحط والجدب، أو عذاب القبر قاله البراء بن عازب ومجاهد، أو عذاب الدنيا، أو غلاء السعر‏.‏ ‏{‏الْعَذَابِ الأَكْبَرِ‏}‏ جهنم، أو خروج المهدي بالسيف، ‏{‏يَرْجِعُونَ‏}‏ إلى الحق، أو يتوبون من الكفر «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏فَلا تَكُن فِى‏}‏ شك من لقاء موسى فقد لقيته ليلة الإسراء «ع»‏.‏ وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رأه ليلته‏.‏ قال أبو العالية‏:‏ قد بينه الله تعالى بقوله ‏{‏وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 45‏]‏ أو لا تكن في شك من لقاء موسى فستلقاه في القيامة، أو لا تشك في لقاء موسى للكتاب، أو لا تشك في لقاء الأذى كما لقيه موسى «ح»، أو لا تشك في لقاء موسى لربه‏.‏ ‏{‏وَجَعَلْنَاهُ هُدىً‏}‏ موسى، أو الكتاب‏.‏